فولكر تورك يحذّر من استمرار تدهور أوضاع حقوق الإنسان في نيكاراغوا
فولكر تورك يحذّر من استمرار تدهور أوضاع حقوق الإنسان في نيكاراغوا
أدان مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، فولكر تورك، مجددا الانتهاكات التي يعاني منها النيكاراغويون الذين يحاولون ممارسة حقوقهم الأساسية، كما أدان الإفلات من العقاب الذي يحيط بهذه الأعمال.
ومن جانبهم، كرر خبراء حقوق الإنسان الذين عينتهم الأمم المتحدة والذين يراقبون الدولة الواقعة في أمريكا الوسطى أنه منذ عام 2018 ارتكبت جريمة الاضطهاد السياسي ضد الإنسانية، وفق موقع أخبار الأمم المتحدة.
وقال مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، إن تدهور الضمانات الأساسية في نيكاراغوا مستمر، وإن الحكومة تواصل مهاجمة أولئك الذين يعارضونها أو ينتقدونها، في انتهاك واضح للحق في حرية الرأي والتعبير.
وأدلى "تورك" بهذه البيانات خلال الحوار التفاعلي بشأن نيكاراغوا الذي أجري في مجلس حقوق الإنسان، بمناسبة تقديم تقرير جديد لفريق الخبراء الذي يرصد ذلك البلد.
وأعرب تورك عن أسفه لأن الوضع لم يتحسن منذ عام مضى، عندما قدم تقريرا عن القضية وندد، من بين انتهاكات أخرى، باستمرار الاعتقالات التعسفية وانعدام حرية المعتقد.
وقال: "لا يزال الأشخاص الذين ينظر إليهم على أنهم معارضون أو منتقدون للحكومة يتعرضون للاضطهاد، ويخضعون لتدابير تنتهك حقوقهم الإنسانية".
ومن بين هذه التدابير، أشار إلى أحكام بالسجن لمدد طويلة صدرت دون محاكمة في نظام قضائي يفتقر إلى الاستقلالية، وكذلك الترحيل والحرمان التعسفي من الجنسية ومنع النيكاراغويين من العودة إلى بلدهم.
وحذر تورك من أن "معاقبة وحبس أولئك الذين يعبرون عن آرائهم، وزيادة تكثيف عزلة البلاد، هي سياسات لا تخدم مصالح الشعب النيكاراغوي، أو حتى السلطات".
وأوضح أن مكتبه وثق أن 71 شخصا لا يزالون محتجزين تعسفيا بعد محاكمتهم والحكم عليهم دون ضمانات الإجراءات القانونية الواجبة.
وأشار إلى أن حكومة نيكاراغوا تواصل الحد من الفضاء المدني وتقييد الحريات الفردية والجماعية.
وقال: "إن ممارسة النشاط المدني المنظم والدفاع عن حقوق الإنسان أصبح شبه مستحيل"، مشيرا إلى أنه منذ أغسطس 2022 تم إلغاء الوضع القانوني لأكثر من 2000 منظمة مجتمع مدني، ليصبح المجموع 3394 منظمة مغلقة من عام 2018 حتى الآن.
وبالمثل، تم إغلاق 12 جامعة، بعضها مصنف على أنه "مراكز إرهابية لتنظيم الجماعات الإجرامية"، وتمت مصادرة العديد من مدارس التجمعات الكاثوليكية.
وتشكل حرية الدين والمعتقد ضمانة أساسية أخرى تنتهك بطريقة عامة، حيث تكون الكنيسة الكاثوليكية الهدف الرئيسي للعقوبات الجنائية والإدارية التعسفية، ومضايقة واعتقال القساوسة وأبناء الرعية.
وأوضحت المفوضية السامية أيضا أن التعذيب والمعاملة القاسية لا يزالان يمارسان في حالة المحتجزين، وأعربت عن انزعاجها الشديد إزاء طرد الهيئات الدولية المكلفة برصد ظروف الاحتجاز.
وأضاف تورك أن العديد من النيكاراغويين غادروا البلاد هربا من الاضطهاد المستمر وغير المتوقع، وألمح إلى ما يقرب من الـ46 ألفا الذين تقدموا بطلبات لجوء في كوستاريكا بين عامي 2022 و2023.
ومن المسائل الأخرى المثيرة للقلق ازدياد العنف في أقاليم السكان الأصليين والمنحدرين من أصل إفريقي، بما في ذلك أعمال القتل والهجمات وحرق المنازل وسرقة الأراضي والنهب.
بالإضافة إلى ذلك، أبلغت المفوضية عن عدد كبير من زيجات الأطفال وحمل المراهقات، وأشارت إلى أن "الحظر التام على الإجهاض في البلاد يعرض الصحة الجنسية والإنجابية للخطر، ما يؤدي إلى عمليات إجهاض غير آمنة ووفاة النساء والفتيات".
وفي الختام، سلط تورك الضوء على عدم استجابة الحكومة ورفضها التعاون مع مكتبها والوكالات الأخرى، وحثها على إظهار أنها في خدمة شعبها، وفتح مساحات لها للمشاركة بحرية في صنع القرار.
كما دعا إلى إطلاق سراح جميع المحتجزين تعسفيا واستعادة الجنسية من أولئك الذين جردوا منهم.
وطلب من المجتمع الدولي بذل جهود للتأثير على سلطات نيكاراغوا ودعم اللاجئين وطالبي اللجوء.
من جانبه، كرر فريق خبراء حقوق الإنسان المعني بنيكاراغوا استنتاجات تقريره الأول، الذي قدم في مارس الماضي إلى مجلس حقوق الإنسان، أي أنه منذ أبريل 2018، "قام الرئيس دانيال أورتيغا ونائب الرئيس روزاريو موريلو وآخرون، بأعمال تشكل للوهلة الأولى جريمة الاضطهاد ضد الإنسانية لأسباب سياسية".
وتمشيا مع المفوضية السامية، شدد الفريق أيضا على أن انتهاكات الضمانات الأساسية تتمتع بالإفلات التام من العقاب وأن جهاز الدولة برمته في خدمة تحقيق هذه الغاية.
وقال جان مايكل سيمون، رئيس الفريق، الذي كان مسؤولا عن العرض الشفوي للوثيقة: "منذ تقريرنا، استمر هذا الوضع".
ووفقا للخبراء، فقد ساء الوضع العام لحقوق الإنسان وكان هناك تصعيد في اضطهاد الحكومة للمعارضة.
ووفقا لملاحظاتهم، تسعى الحكومة إلى بسط سيطرتها على النيكاراغويين خارج أراضيها، وحرمانهم من العودة إلى بلدهم وحرمانهم بشكل تعسفي من جنسيتهم.
وقالوا: "لدينا معلومات عن أكثر من 300 شخص جردوا من جنسيتهم حتى الآن هذا العام".
وأضافوا: "وتشمل الانتهاكات الأخرى الحذف التعسفي لسجلات المواليد، والمصادرة التعسفية للممتلكات، بما في ذلك منازلهم، والإلغاء التعسفي لدفع حقوق المعاش التقاعدي المكتسبة سابقا.. لدينا أيضا معلومات حول كيفية تهديد السلطات لأفراد الأسرة في نيكاراغوا وحرمانهم بشكل تعسفي من الحقوق الأساسية".
وضمت المجموعة صوتها إلى صوت المفوض السامي، لحث الحكومة على التعاون مع الوكالات الدولية والسماح لها بالوصول إلى البلاد.
وعلى نفس المنوال، ناشد المجتمع الدولي توسيع نطاق الجزاءات المفروضة على المؤسسات والأشخاص المتورطين في ارتكاب انتهاكات وجرائم دولية في نيكاراغوا.